-‏‎قلعة معراب وقصر المختارة والنزوح – الوجود – اللّجوء السوري في لبنان…

‏‎قلعة معراب وقصر المختارة والنزوح – الوجود – اللّجوء السوري في لبنان :

-‏‎لم يَعُد خافِيًا على أحد أنّ هناك ما يتحرّك على كلّ الأصعدة بالنسبة “للنزوح” السوري في لبنان.

‏‎أوّلًا: ما الفرق بين اللّاجى‏(refugee) وبين النّازح (displaced) ؟
‏‎
-تعريف اللّاجئ:
‏‎هو الشخص الّذي يعبر الحدود الدوليّة إلى بلد آخر ،ويطلب الحماية لأنّه مُضطهَد عرقيًّا، أو دينيًّا، أو بسبب ميوله السياسيّة.

-‏‎تعريف النّازح:

‏‎هو الّذي يُهجَّر داخل بلده بسبب الحرب . وكِلاهُما- اللّاجىء والنازح- محمِيّانِ من قِبل المُفوّضيّة السامية للأمم المُتّحدة لشؤون اللّاجئين . ‏UNHCR)
‏United Nations High Commissioner for Refugees

-تاريخيًّا:‏ تطوّر ‎الوجود السوري في لبنان:

‏‎١- العمّال الموسميّون، وهم الأغلبيّة الموجودة اليوم على الأراضي اللبنانيّة، وقد تكاثروا بعد الأزمة السوريّة نظرًا للتسهيلات والتقديمات الّتي قدّمتها لهم المُنظّمات الأُمميّة.

– وهذه المعلومة لا تحتاج إلى عبقريّة، فزيارة واحدة إلى أيٍّ من هذه المُخيّمات المُنتشِرة على مساحة الوطن، تُبيِّن لنا أنّ كلّ مُخَيّم أو تجمّع للنازحين هو عبارة عن عائلة واحدة، ومن واحدٍ من أرياف سوريا، اكتشف جدّهم الأوّل مكان المُخيّم لأنّه أقام فيه قبل تسلُّم حزب البعث الحكم في سوريا، عندما كان يأتي كلّ عام الى لبنان للعمل في المناطق الزراعيّة أو وُرَش البناء .
– ‏‎والأغرب أنّه ليس هناك مُضطهَدٌ واحدٌ في هذه المُخيّمات ،بل على العكس يكون مسؤول أو أكثر في هذه المُخيّمات من يملك الإقامة الشرعيّة، وهو يقوم أسبوعيًّا بالتنقّل بين هذه المُخيّمات والقُرى السوريّة لاستثمار الأموال الّتي يجنيها العُمّال في لبنان والمُساعدات الماديّة من المُنظّمات الأُمميّة، واستثمارها في قُراهم السوريّة كما كان يفعل أجدادهم وآباؤهم خلال عقودٍ من الزمن.

‏‎٢- ما يُسمّى بالمُعارضة السوريّة، والتي كانت تلجأ الى لبنان خلال الحكم السوري المُتعاقِب. وهؤلاء المُعارِضون اختفوا خلال الوجود العسكري السوري في لبنان.

-‏‎وبعد الأحداث التي حصلت في سوريا في آذار ٢٠١٢ ،لجأ العشرات منهم إلى لبنان، ومن ثُمّ توزّعوا على فنادق الدُول الداعمة ،وبعد كلّ هذه السنين لا وُجود يُذكَر لهم في لبنان.

‏ – وما طلائع طُلّاب الحُرّيّة الّذين أتوا من سوريا مُجاهِدين فاحتلّوا بلدة عرسال اللبنانيّة بدلاً من “تحرير” قُراهم من النظام السوري، وتاجروا بحياة الرُهبان المُختطَفين وقبضوا أثمان حُريّة الرُهبان من دول داعميهم، وبالدولار الأميريكي في المحميّات على الأراضي اللبنانيّة. وحقّقت الدبلوماسيّة اللبنانيّة “إنجازاً” بالإفراج عن المُختطَفين. ومن جُرود لبنان، نكّلَ طُلّاب الحرية بأهالي المنطقة الّذين استقبلوهم في منازلهم، فكافأهم “مُحارِبي ظُلم النظام السوري” بخطف وإعدام جنود الجيش اللبناني على الفضائيّات العربيّة والدُوليّة.

‏‎ وبالعودة إلى السؤال: لماذا يُطلَق على الإخوة السوريين “نازحين” وليس “لاجئين”.
-‏‎تعريف النازح كما أشرنا سابقاً displaced person،
فهو الشخص الّذي يبحث عن الأمان هربًا من الحرب ولم يعبر حدوداً دُوليّة، ولكنّه يكون مُهجَّراً داخل وطنه.

– ‏‎وكَوْن جميع النازحين -إلا القِلّة كما ذكرنا- هُم من تَربّوا على العقيدة البعثيّة وهي: أنّ الأُمّة العربيّة واحدة. فاعتبروا كما نظام الحُكم في لبنان أنّ هؤلاء مُهجّرين داخل الوطن الكبير، ولبنان جزءٌ من هذا الوطن، كما جاء في مُقدّمة وثيقة الطائف “لبنان عربيُّ الهويّة والانتماء” .
‏‎ -ولا عجب أنّ الكثيرين يتبارون اليوم بمدح هذا الاتّفاق ،بعدما لعنوه وأصبح الحفاظ على هذا الدستور جزءاً من إطلالاتهم اليوميّة.

-‏‎وإذا ما عُدنا إلى ميثاق الأمم المُتّحدة لتعريف اللّاجئين: “فكلّ شخص يُعطى حقّ اللجوء بسبب خوفٍ مُبرَّرٍ، يكون قد تعرّض أو سوف يتعرّض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيّته أو انتمائه إلى فئة اجتماعيّة مُعيّنة أو آرائه السياسيّة، في بلده الّذي يحمل جنسيّته”. فيجب على الدولة المُضيفَة أن تحميه وتُعطيه حقّ اللجوء.

-‏‎وكما تبيّن أنّ هؤلاء العُمّال المَوسميين لا ينطبق عليهم الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الانتماء أو الآراء السياسيّة، وذلك من خلال المُقابلات الّتي تُجريها المحطّات الإعلاميّة والتقارير الّتي تُثبِت أنّ هؤلاء أتوا الى لبنان بعد أن تبيّن لهم أنّ التقديمات الطبيّة والتربويّة والماديّة تٌعطَى لمن يحمل الجنسيّة السوريّة إن كان مع النّظام أو ضدّه.
فكيف لمُضطهَدٍ خارج من بلاده “خَائِفًا يَتَرَقَّبُ” أن تُعدِمَه المُخابرات السوريّة، أن يُنجِب سبعة أطفال في سبع سنين عِجاف كما جاء في إحدى المُقابلات في بلدٍ لم يُعطِه حقّ اللّجوء أو الإقامة.

‏‎ -فتقارير المُنظّمات الأُمميّة تُشير أنّ هناك عصابات تأتي كلّ أوّل شهر لتقبض المُساعدات والعودة بها الى سوريا.

-‏‎ولِحلّ مُعضِلَة “الوُجود السوري في لبنان”، ينبغي اعتماد ما يلي:

‏‎أوّلًا:
‏‎تشكيل وفدٍ برئاسة رئيس مجلس الوُزراء ،فهو يُمثِّل رئيس الجمهورية، والتوجّه إلى سوريا، حيث يتمّ الاتّفاق على توجيه أمرٍ من قِبَل الرئيس السوري إلى كلّ “النازحين” بالرّجوع إلى قُراهم وبلداتهم في مُهلةٍ أقصاها شهر تشرين الأوّل ٢٠٢٣ . موعد انتهاء الموسم الزراعي وتوقُّف وُرش البناء في الشتاء.

-‏‎ثانياً: إعطاء الجنسيّة اللبنانيّة لأولاد اللبنانيّات المُتزوِّجات من سوريين، وهم الفئة المظلومة من الدولة اللُبنانيّة، وثانياً حرمانهم من أيَّة تقديماتٍ من المُنظّمات الأُمميّة، كونهم لا تنطبق عليهم صفة” لاجىء”، بسبب إقامة المُجاملة يعني المُسايرَة.

-‏‎ فالجنسيّة لأطفال الأمّ اللبنانيّة حقٌّ في كلّ شرائع وقوانين الدُول المُوقِّعة لميثاق حقوق الإنسان.

– ‏‎ثالثًا: ‏‎تفتح السُلُطات اللبنانيّة باب اللجوء للسوريين، فقط بشرط أن تنطبق عليهم المعايير الدُوليّة، وذلك بدراسة كلّ حالة لُجوء .

‏‎ – ففي كلّ دُول العالم وخاصّةً البُلدان الغربيّة مثلاً، تُدرَسُ حالات اللّجوء، وبعد تقديم الطلب إلى السُلُطات المُختصّة لدراسته، ويُعطى حقّ اللّجوء أي الحماية “وليس الجنسيّة اللبنانيّة”، إذا ما كان مُقدِّم الطلب يستحقّ الحماية من الدولة المُضيفة، إذا ما تبيّن لها أنّ طالب اللّجوء ستكون حياته في خطر إذا ما رجع الى بلده الأمّ.
‏‎
-وأفضل مكان لهؤلاء بعد إعطائهم حقّ اللّجوء إقامتهم في قلعة معراب أو قصر المُختارة – وذلك أمنيًّا حِفاظاً على حياتهم كي لا تصلها أيدي “سفّاحي” النظام السوري.

-ومن ثمّ ترحيل من لا تنطبق عليه صفة لاجىء، ولوْ بالقوّة .
والتاريخ يشهد أنّ ألمانيا مثلاً، قامت ‎بترحيل عائلات لُبنانيّة بأكملها إلى لبنان بعد تولّي الشهيد رفيق الحريري رئاسة الوزارة عام ١٩٩٢، لأنّ لبنان وعلى صِغر مساحته لم يعد يُشكِّل خطرًا على الحياة، بعد أن وضعَتْ الحرب أوزارها، مع أنّ جنوبه لم يتحرّر حتّى عام ٢٠٠٠.

وهيب دندش
٢٨-٠٤-٢٠٢٣