*الطلاق… أبغض الحلال.. وأمرّ الحلول… بقلم الشيخ حسن حماده العاملي*

هو أبغض الحلال إلى الله، بنص الحديث المروي عن رسول الله (ص): “ما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب بالفرقة، يعني الطلاق” وعلى الرغم من ذلك فإنه أحياناً قد يكون الحلّ الأنسب والأمثل لفسخ عقد حوّله أحد الزوجين أو كلاهما إلى حلبة مصارعة يسعى فيها الطرفان إلى تحطيم الآخر وتدميره… وبالتالي يتحول الزواج -أحب الأبنية إلى الله كما في الحديث: “ما بني في الإسلام أحب الى الله من التزويج”- من الغاية المرجوة منه إلى دوّامة خطيرة تأخذ بالأسرة بأكملها إلى المجهول حيث الخاسر الأكبر “الأطفال” وهنا يستوقفني المثل القائل: ” الآباء يأكلون الحصرم والابناء يضرسون”، وللهروب من هذا الواقع المأساوي كان لابدّ من إيجاد مخرج شرعي، وعليه كان الطلاق الذي غالباً تطلبه الزوجة للتخلّص من سطوة الزوج وبطشه ويستخدمه هو(طبعاً بعض الذكور) كورقة ضغط عليها كونه –أي الطلاق- بيده، ليجني ثمار تعنيفه لها، شروطاً وضغوطاً وإملاءات وتنازلات… ليخيّرها مرغمة بين أن ترضخ له أو تبقى: ‏”لا معلّقة ولا مطلّقة”… ضارباً بعرض الحائط الآية الكريمة التي تقول: “الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ..” وغيرها من الآيات المباركة، والأحاديث النبوية الشريفة، وأحاديث أهل البيت عليهم السلام، التي نصّت بأجمعها على ضرورة انصاف المرأة وإعطائها كامل حقوقها فليس للرّجل أن يستغلّ قوّته ونفوذه ليغتصب منها حقوقها الشّرعيّة من مهرٍ ونفقة وحضانة… بل ليس له أن يأخذ منها أيّ شي‏ءٍ عوضاً عن الطّلاق إلا ما كان بالاتفاق معها وبكامل رضاها دون حرج أو غصب أو حياء…

قد يهاجم البعض الاسلام باعتباره ظالم للمرأة -بزعمهم- والحقيقة أن معظم هؤلاء لا يفقهون شيئاً من الاسلام بل يبنون أفكارهم على آراء وتصرفات لا دينية وقد تصدر تارة عن أشخاص مأجورين وأخرى غير متدينين وثالثة غير أصحاب اختصاص… ولعل أحد أبرز أهداف الاسلام كان تحرير المرأة وحمايتها ورفع مكانتها… وهو ما بدا جلياً من خلال النصوص القرآنية، والسيرة النبوية، وقد فرض على الرجل القيام بالانفاق عليها. لذا فإن أي فهم خاطئ للنصوص لا يعبّر إلا عن رأي الفاهم المخطئ، وهو مردود عليه، فلا يمكن أن ننسب فهمه الخاطئ للإسلام.

لا شك أن هناك عدداً من النساء يتعرضن للظلم والتعنيف حيث يعمل أزواجهن بخلاف أمر الله ووصية رسوله (ص): “استوصوا بالنساء خيراً” وهنا يكمن دور رجال الدين والمحاكم الشرعية في الفصل بينهم بما يرضي الله، ولعل ذلك قد يكون متعذّراً بسبب وجود بعض القوانين المعمّرة والمهترئة التي لا بدّ من إعادة النظر بها خاصة أنها ليست نصوص مقدّسة بل قوانين وضعت لتنظيم حياة الإنسان وبالتالي لا بدّ لها من أن تواكبه في التطوّر والتقدّم والعصرنة. وهذا قطعاً لا يتعارض مع الدين، بل يقدّمه (اي الدين) للمجتمع بأبهى مظاهره. فالاسلام الرحمة والمحبة والعدل دين صالح لكل العصور، هادي لكل البشر، مواكب لكل التطورات.