د. هشام الأعور – “إمارة الظلام” تطرق أبواب طرابلس: تحذير من “شرع الذبح” ومشروع الفتنة.

د. هشام الأعور –
“إمارة الظلام” تطرق أبواب طرابلس: تحذير من “شرع الذبح” ومشروع الفتنة.

في ظل التوترات المتزايدة في شمال لبنان، تتسارع التحذيرات من تحركات مشبوهة لتنظيمات متطرفة تحاول التسلل إلى مدينة طرابلس تحت غطاء ديني مزيف. الحديث عن إقامة “إمارة إسلامية” في طرابلس، بدعم من خطاب ديني متشدد يُزعم أنه يستند إلى رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع “الجولاني “، يعيد إلى الأذهان بدايات الانهيار الذي اجتاح سوريا، عندما تحوّل هذا النوع من الخطاب إلى فتوى جماعية للقتل والذبح والتهجير.

ما يُنذر بالخطر هو أن هذا “الشرع” الذي يتم استخدامه كغطاء، ليس سوى إعادة إنتاج لخطاب دموي استُخدم سابقًا في سوريا لتبرير المجازر بحق العلويين والدروز والمسيحيين والشيعة، وحتى السنّة الذين لم يبايعوا داعش. في مشاهد لم تغب عن الذاكرة، تحوّل هذا “الشرع” إلى وسيلة لتقطيع الأوصال، وفرض أيديولوجيا متوحشة لم تفرّق بين طفل وشيخ، ولا بين مؤمن وكافر.

اليوم، تُذكر طرابلس كهدف محتمل لهذا المشروع الظلامي، من خلال محاور اختراق محددة، ومحاولة خلق فوضى أمنية تسمح بفرض واقع جديد على الأرض. الجيش اللبناني أمام تحدٍّ مصيري، لا لمواجهة مقاتلين فقط، بل لمواجهة فكرة خبيثة تتسلل عبر الخطاب الديني المحرّف، وتجد بيئة خصبة في اليأس والحرمان.

ما يحدث ليس تحركًا عسكريًا عابرًا، بل مشروع فتنة شامل، يبدأ بنشر الرعب الطائفي، وينتهي بمحاولات تقسيم لبنان سياسيًا وجغرافيًا. التقسيم لا يبدأ بتحديد حدود، بل بزرع الحقد بين أبناء الوطن الواحد، وبنزع الثقة من المؤسسات، واستبدالها بـ”أمراء حرب” و”قضاة شرع” يوزّعون الموت باسم الدين.

المطلوب اليوم وقفة وطنية جامعة، ورفض قاطع لكل من يبرر أو يغطي أي تحرك مشبوه تحت عباءة الدين. فالتجربة السورية واضحة، ومصير المدن التي خضعت لداعش لا يزال ماثلًا للعيان: مدن مدمّرة، وشعوب مشرّدة، وخراب لا يزال صداه يتردّد في المنطقة حتى اليوم.

طرابلس مدينة الحياة، لا يجوز أن تتحول إلى رهينة في يد مشروع الموت. ولبنان لا يتحمّل تكرار سيناريو الفوضى. فلنقف جميعًا في وجه “شرع الذبح” قبل أن يغرس سكينه في خاصرة الوطن من جديد.ج