دعا العلامة السيد علي فضل الله في كلمة له في المؤتمر السنوي للمجمع العالمي لأهل البيت في طهران إلى “بذل كل الجهود لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الإسلام، وخصوصاً مذهب اهل البيت وهي تحديات باتت أكثر ضراوة، وتستخدم كل وسائل العصر وتقنياته، وسخرت لأجلها الإمكانات والقدرات الهائلة، مستفيدة من التناقضات والتعقيدات في الساحة”.
ورأى “أهمية صوغ خط أهل البيت ومفاهيمه وأحكامه على قواعد العقلانية المعاصرة والتي تأخذ في الاعتبار الرد على الشبهات والاشاعات التي حاولت النيل من المذهب، وعملت على إظهاره خارج الإسلام”، معتبراً “أن مسؤولية العلماء والمفكرين والمثقفين استنفار الجهود من أجل توضيح معالم خط أهل البيت بالاستفادة من وسائل العصر وآلياته، وتقديمه بالأسلوب العلمي وبالمنهج القرآني الذي يدعو إلى التي هي أحسن”.
وركز “على السمة التحررية والثورية لخط أهل البيت، والمنفتح على كل قضايا الحق والحرية والعدالة والذي يقف بكل حزم وقوة في مواجهة الاستكبار والظلم والاحتلال في العالم”.
وقال: “إن التحدي الملح الذي تدعو الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى معالجته، فهو تنظيم العمل، إن على صعيد المرجعيات الدينية أو على صعيد العلماء والعاملين في هذا الخط المبارك، ما بات يدعو إلى إيجاد ضابطة تحول دون جعل الخلافات تعبث بأي ساحة من ساحاته”.
وقدم العلامة فضل الله اقتراحاً إلى المؤتمر “يتصل بإنشاء مجلس حكماء في كل موقع من المواقع أو على الصعيد العالمي، يتدخل لعلاج أو احتواء أي خلاف ولحل أي مشكلة حتى لا يتطور ولا يتفاقم”.
وشدد على أهمية “مواجهة أي محاولة تسعى لإشعال فتنة مذهبية بين السنة والشيعة، وما تثيره من تداعيات تؤدي إلى تنامٍ لحالات التطرف والغلو المذهبي، فقد باتت السلاح الأمضى في مواجهة أي نهوض إسلامي، إن على المستوى الشيعي أو المستوى السني، وتحول دون ممارسة الإسلام دوره الفاعل في الحياة، بل هي الوسيلة الوحيدة التي اجتمع كل أعداء الإسلام على اعتبارها مدخلاً لضرب الإسلام في الصميم وأي حركة مناهضة للاستكبار. لذلك لا بد من أن يكون الجهد منصباً على هذا الصعيد واعتباره من الأولويات، وأن نعمل بكل جدية للوحدة الإسلامية”.
وأكد العلامة فضل الله أن “الوقائع تثبت أن الشيعة أكثر اندماجاً وحرصاً على أوطانهم، وهم بذلوا ويبذلون الغالي والرخيص في سبيل حمايتها وصونها، ما يدعو إلى توضيح هذه الصورة وإبراز أن الولاءات للمرجعيات الدينية، لا تعني التنكر للأوطان، بل تزيد التشبث بها وحفظها وحمايتها من كل ما يتهددها”.
كما ركز على العدالة كعنوان مركزي لخط أهل البيت، داعياً “من يتصدرون المواقع السياسية والشأن العام من أتباع أهل البيت إلى أن يكونوا علامة فارقة في مواقعهم ويكونوا زيناً لهذا الخط الإسلامي الأصيل لا شيناً عليه، في عملهم لتحقيق العدالة وقيامهم بشؤون الناس وعدم تمييزهم بين مواطنيهم في البلاد التي يعيشون فيها، وأن يكونوا صوتاً صارخاً للمظلومين والضعفاء في مواجهتهم المستكبرين ومستغلي الشعوب”.
وختم قائلا: “لا بد من أن نلتزم التوجهات التي دعا إليها أئمة أهل البيت، عندما دعوا إلى إسلام عقلاني حواري متجدد ومنفتح على قضايا العصر والحياة بعيداً من الغلو والتطرف، ونستلهم في ذلك سيرتهم العطرة وكلماتهم الواعية والأساليب الحضارية في إحياء مناسباتهم وذكراهم”.