الرئيس نبيه بري.. انت الضمانة يا حامل الامانة

الرئيس نبيه بري..
انت الضمانة يا حامل الامانة

كتب الدكتور طلال حاطوم

لم تكن الكتابة يوماً مرتعاً للتزلف او التملق، وان كان الكلام يسبح في فضاء اللغة بحثاً عن المعاني، وليس هو من يحتاج الى الشهادات في مواقفه وومسلماته، لكن الحق الحق يجب ان يكون هو البوصلة وان لم نفِ الموصوف وصقاً يليق ويعبر عن المكنون دونما زيادة او نقصان وان جنحت العاطفة باليراع نحو البلاغة.
ولكن، في الاحوال كلها، وللذكرى:
هي الاعوام حدائق العمر، يزهر منها ما عُني به، ويغزو العشب ما تُرك على عطشه،
ثلاثة واربعون حولاً وانت عنوان لضفتي كتاب “أمل”،
لم نتأخر عن الموعد معك، لكننا نستأذنك في ان نمضي بالكلام معك وعنك،
الاخ الرئيس نبيه بري،
انت انت في قيادة سفينة حركة أمل والوطن والقضية،
وقبلها، اضرمت الثورة في نفوسنا وعقولنا في مفاصل عديدة:
في مجلس طلاب لبنان كنت الثائر لأجل الجامعة الوطنية الام والطلاب المحرومين،
ومن اوائل الذين اعتبروا ان العروبة ليست نظاماً بل هي انتماء لأمة ودفاع عن حق سليب،
لم تتأخر عن موعدك مع امام الوطن والمقاومة الامام المغيب السيد موسى الصدر
كنت السبّاق اليه، سكنت اليه بكل طمأنينة، وكان الاخ الاكبر الذي احتضن شبابك، ودعم ثورتك وعنفوانك،
رفضت ان يغلبك الوقت، فكنت حركة هادرة لا تهدأ كموج بحر ثوار “أمل”،
بقي تغييب الإمام القائد السيد موسى الصدر الذي حمّلك الامانة بثقة مطلقة، مرتكز فكرك، ودليل خطك، وراسم سياستك.
حملت كرة نار المقاومة حين كانت تمشي خطواتها الاولى،
وكان المقاومون يختبئون في مساكب زهر البيلسان، ويتوسدون الصخور، خشية عين غادرة،
حاورت الاحزاب باسم الامام الصدر وباسم أمل، وميزت بين حنطتها وزؤانها،
امتلكت ناصية اللغة فطوعت الكلام ليكون سهلا ممتنعا وسبيلاً الى الحوار والتلاقي،
وبعد،
يوم اورق وجعنا تغييباً للامام المؤسس، حاول كثر قطع الشجرة، لكن يدك الخضراء اعادت صحو الصيف من غيم الضيم،
كتبت لنا وعداً بمواسم امل اتية: حيا على خير العمل،
كنا ننام ملء الجفون، ولا تنعس عيونك..
لأنك الامين المؤتمن الذي يستقبل صباح شتلة التبغ في ساعة الغلس
ويحرس مواطن الحلم في ليلة يرتجف فيها القمر ليخبئ وقع خطوات المقاومين،
فنعانق الصبح بنور يمحي حلكة الظلام،
نراك في مرايا احلامنا الوردية: قائداً، رئيساً، ناصحاً وموجهاً، والاهم: أخاً واباً وصديقاً دائماً.
على مرّ الايام وحلوها نبقى على نهجنا ووعدنا وانتمائنا وولائنا وثقتنا، لا نغير ولا نبدل،
معك نكشح القلق، ونزرع الامل الدائم الاخضرار في حدائق نصرنا وعزنا وفخرنا بحركتنا “أمل”، التي دائماً ما تردد على مسامعنا: انها تبقى كمياه النهر طاهرة للوضوء.
وبعد وبعد،
الاخ الرئيس
انت اولاً، المقاوم الذي لا يساوم على حق او حرية، ولا ينسى الشهداء والجرحى والمنتظرين على دربهم،
كتبت اسماء من “ما بدلوا تبديلا” على صفحات القلب،
تنشدهم قصائد وجد وحب لا ينتهي مداها،
لم يغيبوا يوماً عن خطاب او كلمة او موقف،
يا قائد انتصاراتنا،
في خلدة يوم كان كثيرون يتراجعون عن دورهم ومواقعهم،
وفي 6 شباط ١٩٨٤، في الضاحية النوارة، يوم كاد الوطن يضيع في فم تنين اتفاق 17 ايار وإدخال لبنان إلى العصر الإسرائيلي،
في أصرارك على عودة الناس إلى ارضهم، بعد قانا العصر،
وفي تموز الصمود ٢٠٠٦ كنت الحصن للبنان كله.
أول درس تعلمناه منك: الانتصار للوطن على الطائفية والتفرقة والحرمان.
يقيننا انك تحملت الكثير من أجل لبنان، ومن اجل شعبه بكل الوان طيفه..
وجّهت بوصلة الوطن:
العدو هو الشر المطلق إسرائيل، والوحدة هي قوتنا في مواجهته، وقتاله واجب بالسلاح مهما كان متواضعاً.
والصديق: احموا الجنوب ودافعوا عن كل الوطن، وانظروا شرقاً، الى سوريا والى الجمهورية والاحرار في العالم، والى كل من يناصر مقاومتنا وفلسطيننا وحقنا.
اردت “أمل” لتكون دائماً حركة اللبناني نحو الأفضل،
ولنكون كما في ميثاقنا: لسنا من نصنّف الناس..
اتخذت الحوار نهجاً وقاعدة اساس، مثلك الامام الصدر،
كنت تجد دائماً مساحة التلاقي لتوسع اطرها في اصعب الظروف بحوار يبعد الخلاف، ويبقي الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية،
يا صانع مجد الوطن بحكمتك وحنكتك وسديد رأيك،
يا حارس الجمهورية من صيبة عين من يسعون إلى ضرب عناصر قوتها.
يا النبيه الذي أرسى معادلة الجيش والشعب والمقاومة لتكون أيقونة حماية لبنان.
حملت لبنان على جناح العالم ناطقاً باسمه في المحافل الدولية ببلاغة وصدق وشفافية، فاحتللت مكانة في القلوب والعقول، واعدت للعرب ألق ندواتهم البرلمانية مترئساً الاتحاد البرلماني العربي واتحاد البرلمانات الاسلامية.
الاخ الأكبر،
ايها الأستاذ المعلم، والقائد الحازم، والأب العطوف، والزعيم المتواضع الذي لا يترك تفصيلاً،
محطات كثيرة كتبت لاسمك بأحرف من ماء الذهب ونور الحق في كتاب تاريخ لبنان والمنطقة،
صعب ان يخط اليراع العواطف والمحبة، ويعجز الكلام ان يوفيك بعض حقك،
الاخ الرئيس نبيه بري:
انت الضمانة يا حامل الامانة،
ونحن الخلص والموالون ابداً،
لك منا العهد والبيعة.