جنوب لبنان ينزف… وصرخة مكتومة تخترق سماء الدمار
بقلم الاعلامية ريما شرف الدين
رئيسة تحرير موقع sky news Lebanon
د/الاعلامية ريما شرف الدين
في قلب المشهد المروع، حيث تتداخل رائحة البارود مع عبق الياسمين المقهور، يقف الجنوب شامخًا، وإن كان مثقلا بالجراح. هنا، حيث غصت الحناجر بمرارة الفقد، وتغرغرت العيون بدمع القهر، واختنق الصوت المنادي: “أين أنت يا جنوب؟”، يرتفع صدى العزة من تحت أنقاض المنازل المدمرة.
لم تكن الكلمات وحدها هي التي رسمت ملامح البطولة، بل كانت دماء الشهداء الزكية هي المداد الذي خطّ به الجنوب سفره الأبدي من الكرامة. وسط الدمار الشامل، وبين ركام الأحلام المحطمة، تنبت حكايات الصمود، وتزهر إرادة الحياة من رحم الموت.
هنا، كل حجر يحكي قصة، وكل زاوية تحمل بصمة تضحية. هنا، حيث الأرض ارتوت بدماء الأبطال، أصبح التراب نفسه أيقونة فخر، يشهد على عظمة شعب أبى الانكسار.
تحت وطأة القصف، وبين ألسنة اللهب، لم يفقد الجنوب بوصلته. ظلّت عيونه شاخصة نحو الأفق، وقلبه نابضًا بالأمل، وروحه متشبثة بحق العودة والحياة الكريمة على أرضه الطاهرة.
إنها ليست مجرد خسائر مادية، بل هي حكايات إنسانية تمزق القلوب. أمهات ثكالى يضممنّ فلذات أكبادهنّ للمرة الأخيرة، وآباء تجاعيد وجوههم تحكي ألف قصة من الصبر والجلد، وأطفال فقدوا براءة الطفولة بين ليلة وضحاها.
لكن في هذا الألم العميق، يولد عزم جديد. في هذه اللحظات القاسية، تتجلى قوة الوحدة والتكاتف. الجنوب، رغم جراحه، ينهض من جديد، مستمدًا قوته من إيمانه بأرضه وتاريخه وكرامته.
ستبقى صرخة الجنوب المكتومة شاهدًا على وحشية العدوان، وستظل دماء شهدائه نبراسًا يضيء دروب العزة. سيُكتب تاريخ هذا الجنوب بمداد الفخر، وسيُروى للأجيال كيف استطاع، بدمائه وصموده، أن ينتصر على الألم ويكتب عزته تحت وطأة الدمار.
فليعلم العالم أن الجنوب ينزف كرامة، وينبت عزة من رماد الدمار.